لم يكن في قلب مروان الطحاوي سوى موضعٍ لفتاته الأولى، ولم يسمح حتى لابنته من زوجته، آية، أن تناديه بلفظة "أبي". كانت آية تنتظر يوم مولدها بلهفة، تجلس منذ الصباح مترقّبةً قدومه، فإذا بها لا ترى سوى مشهد طاعنٍ في الروح: والدها يجثو ليخطب تلك التي كانت حبّه القديم.
وفي حفل المدرسة، إذ اجتمعت العيون والأنظار، لم تجد الطفلة إلا سخرية عشيقته وابنته، وظلم أبيها إذ وقف في صفّهما. ثم جاء صيف قاسٍ، حين دسَّ لها بيده قطعة حلوى من الفراولة، وهو يعلم أن جسدها لا يحتملها، حتى كادت تفارق الحياة. هنالك انكسرت قيود الصبر في قلب أمها ليلى، فطلبت الطلاق، وأعلنت سرّها الدفين: إنّها ابنةُ أميرٍ من نسل الدهاقنة. وبذلك اللقب النبيل، رفعت راية العدل لتذود عن كرامة ابنتها.
ومع أنّه في النهاية ركع عند قدمي الطفلة، يطلب الصفح والرحمة، فإن آية لم تنطقها قط، ولم تسمّه "أبي" إلى الأبد.